خلق الله القلب فجعله ملكاَ وبقية الأعضاء جنوده فإذا طاب الملك طاب الجنود وإذا فسد فسد معه الجنود ، والنية محلها القلب ولا محل لها فى اللسان ،وينبغى على المسلم أن يستحضر النية فى جميع العبادات فمثلا الوضوء --> فإذا قام الإنسان للوضوء فإنه ينوى أنه توضأ لله ،و أنه توضأ امتثالا لأمر الله فهذه ثلاث :
1- نية العبادة
2- نية أن تكون لله ومحبة لله
3- نية أنه قام بذلك امتثالا لأوامر الله - عزوجل -
-1-
يحكى ان ملكا من الملوك اراد ان يبني مسجدا في مدينته ليُكتب عليه اسمه وامر ان لا يشارك احدا في بناء المسجد لا بالمال ولا بغيره لانه اراد ان يكون هذا المسجد من ماله فقط دون مساعدة احد وحذار وانذر من ان يساعد احدا في ذلك ، وفعلا تم بناء المسجد ووضع اسمه عليه .
وفي ليلة من الليالي القليلة التي مرت على بناء المسجد راى الملك في المنام ان ملكا من الملائكة ينزل من السماء فيمسح اسمه من المسجد ويكتب اسم امراة فلما استيقظ الملك من النوم استيقظ مفزوعا وارسل جنوده ينظرون هل اسمه مازال موجودا ، فذهبوا ورجعوا وقالوا له - نعم اسمك مازال موجودا وقالو له هذه اضغاث احلام
وفي الليلة الثانية راى الملك نفس الروئية هي ان ملكا من الملائكة ينزل من السماء فيمسح اسمه من المسجد ويكتب اسم امراة وفي الصباح ارسل جنوده ينظرون هل اسمه مازال موجودا ، فذهبوا ورجعوا واخبروه ان اسمه ما زال موجودا على المسجد ،
تعجب الملك وغضب فلما كانت الليلة الثالثة تكررت نفس الروئية فلما قام الملك من النوم قام وقد حفظ اسم المراة التي يكتب اسمها على المسجد فامر باحضارها ، فحضرت وكانت امرأة عجوز ترتعش فسالها
هل ساعدت في بناء المسجد الذي بنيته
فقالت المراة يا ايها الملك انا امراة عجوز وفقيرة وكبيرة في السن وقد سمعتك تنهى عن المساعدة في بنائه فلا يمكنني ان اعصيك
فقال لها اسالك بالله ماذا صنعت في بناء المسجد
فقالت والله ما صنعت شيئ قط في بناء هذا المسجد ... الا !!
قال نعم - الا ماذا ؟
قالت الا انني مررت ذات يوم من جانب المسجد فرايت احد الدواب التي تحمل الاخشاب وادوات البناء للمسجد مربوط بحبل الى وتد في الارض وبالقرب منه سطل ماء وهذا الحيوان يريد ان يقترب من الماء ليشرب فلا يستطيع بسبب الحبل والعطش اخذ منه مبلغا شديدا فقربت سطل الماء منه فشرب هذا والله هذا الذي صنعت وقد صنعته لله عز وجل
فقال الملك حينها عملتي هذا لوجه الله فقبله الله منك وانا عملت عملي هذا ليقال مسجد الملك فلان فلم يقبله الله مني
فامر الملك ان يكتب اسم المراة العجوز على هذا المسجد
-2-
يقول الحسن : كانت شجرة تعبد من دون الله ، فجاء إليها رجل ، فقال : لأقطعن هذه الشجرة ، فجاء ليقطعها غضباً لله ، فلقيه إبليس في صورة إنسان ، فقال : ما تريد ؟ قال : أريد أن أقطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله ، قال : إذا أنت لم تعبدها فما يضرك من عبدها ؟ قال : لأقطعنها .
فقال له الشيطان : هل لك فيما هو خير لك ؟ لا تقطعها ، ولك ديناران كل يوم إذا أصبحت عند وسادتك . قال : فمن أين لي ذلك ؟ قال : أنا لك . فرجع ، فأصبح فوجد دينارين عند وسادته ، ثمّ أصبح بعد ذلك ، فلم يجد شيئاً . فقام غضباً ليقطعها ، فتمثل له الشيطان في صورته ، وقال : ما تريد ؟ قال : أريد قطع هذه الشجرة التي تعبد من دون الله تعالى ، قال : كذبت ما لك إلى ذلك من سبيل .
فذهب ليقطعها ، فضرب به الأرض ، وخنقه حتى كاد يقتله ، قال : أتدري من أنا؟ أنا الشيطان ، جئت أول مرة غضباً لله ، فلم يكن لي عليك سبيل ، فخدعتك بالدينارين ، فتركتها ، فلما جئت غضباً للدينارين سلطت عليك
نرى هنا مثالين من أمثلة النية وكيف أثر تغير النية فى كل منهما
العمل بغير نية عناء ،والنية بغير إخلاص رياء ،إن الله يريد نيتك وإرادتك فإن كان العمل لله سمى إخلاصا ،وهنا المراد أن يكون العمل خالصا لله لا نصيب لغيره فيه ،و الإخلاص فى العمل به تصدق النية وينال أخرها ، و الإخلاص شئ غال وثمين وخاصة فى النية فإن قمت بعمل ما غرضك تقرب إلى الله و شئ أخر لم تنل منه شئ -ثواب - فمثلا إذا قام رجلا الليل و أخذ يصلى غرضه التقرب من الله وأيضا أن يجبر نفسه على الاستيقاظ لمهمته مثلا فى الحراسة إن كان حارسا مثلا فقد أشرك فى التقرب إلى الله شيئا وهذا خرج عن دائرة الإخلاص فيجب أن تكون النية خالصة لله وحده
إن للنية مراحل فالنية تتألف من خمس مراحل :
1- الفكرة : وهى أول ما يلقى فى القلب
2- الخاطرة: يثبت الفعل فى القلب
3- حديث النفس: التردد هل يفعل ذلك أو يتركه
4- الهم : يترجح عنده العمل ويهم به
5- العزم : القصد و الجزم بالفعل
الثلاث الأولى لا أجر لها لا فى الحسنة أو السيئة أما عند الهم فتكتب الحسنة إن كان حسنا ولا تكتب السيئة إن كان سيئا
أما العزم وهو بداية العمل يكتب الأجر والمعصية يكتب الإثم
ولكن لنا وقفة هنا فى نقطة العزم فى المعصية فإن ترك المعصية بعد العزم فقد انقسم إلى أربع
1- أن يتركها خوفا من الله فهذا يؤجر
2- أن يتركها خوفا من الناس فهذا يأثم لأن ترك المعصية عبادة ولابد أن يكون لله
3- أن يتركها عجزا مع عدم الوسائل الموصلة إليها فهذا يأثم بالنية الجازمة
4- أن يتركها عجزا مع فعل الوسائل الموصلة إليها فهذا يكتب له اثم الفاعل التام
ان للعاملين المخلصين درجات ثلاث :
1- دنيا :هى أن يعمل الطاعة رغبة فى الثواب أو خوفا من العقاب
2- وسطى: يعمل الطاعة شكرا لله واستجابة لأمره
3- عليا: العمل محبة لله وتعظيما وإجلالا ومهابة وهى مرتبة الصديقين
لكل عمل من أعمال القلب مرض ومرض الإخلاص الرياء ، فالرياء هو الشرك الاصغر كما قيل وعلينا أن نتعامل معه كمن يعلم أن العسل لذيذ ولكن إذا بان أن فيه سما أعرض عنه وإن للرياء أبواب تتراوح درجاتها من حيث الشدة
أشدها وأغلظها :
أن لا يكون مراده بالعبادة الثواب أصلا كالذى يصلى بين الناس ولو انفرد لم يصل
الدرجة الثانية :
أن يقصد الثواب مع الرياء قصدا ضعيفا بحيث لو كان خاليا لم يفعله وهو قريب من الدرجة السابقة
الدرجة الثالثة :
أن يكون قصد الثواب وقصد الرياء متساويين بحيث لو انفرد كل منهما على الأخر لم يبعثه عن العمل فهذا قد أفسد ما قد أصلح
الدرجة الرابعة :
أن يكون إطلاع الناس عليه مقويا لنشاطه فإذا لم يطلع عليه أحد لم يترك العبادة فهذا يثاب على قصده الصحيح و يعاقب على قصده الفاسد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق